المرأة الإماراتية في قلب مشروع الوطن الثقافي والتراثي

أبوظبي في 26 أغسطس 2025
تتصدر المرأة المشهد الثقافي والتراثي في دولة الإمارات كقائدة وملهمة وصانعة للهوية الوطنية المتجددة، عبر عدة أدوار ومن أبرزها الإسهام في الحفاظ على الموروث الشعبي، وتحويله إلى محتوى معاصر يواكب الحداثة، دون أن يقطع الصلة بالجذور.
وتسهم في تعزيز مكانة المرأة في مجال الحفاظ على الموروث الشعبي والثقافي، منظومة متكاملة من السياسات والمبادرات التي أطلقتها وزارة تنمية المجتمع، والاتحاد النسائي العام، ومجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين، بالإضافة إلى برامج التمكين الثقافي التي تقودها وزارة الثقافة والشباب.
وتولي دولة الإمارات بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله” ، أهمية كبرى لدور المرأة في صون الموروث الشعبي، باعتبارها شريكة فاعلة في تعزيز ثوابت الهوية الإماراتية، وحفظ الذاكرة الحضارية للدولة.
ويتجلى هذا الدعم من خلال دور سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك “أم الإمارات”، رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، التي آمنت بقدرة المرأة على المساهمة الإيجابية في نهضة وطنها وتنمية مجتمعه.
وقالت الشيخة الدكتورة شما بنت محمد بن خالد آل نهيان، رئيس مجلس إدارة مؤسسات الشيخ محمد بن خالد آل نهيان الثقافية والتعليمية، إن المرأة الإماراتية اضطلعت بدور جوهري في صون الموروث الثقافي، لا بصفتها ناقلة له فحسب، بل كأمينة على القيم والعادات التي تُشكّل الشخصية الإماراتية الأصيلة.
وأضافت أنه من الأمثال والأهازيج، إلى الحِرَف اليدوية والعادات اليومية، ظلّت المرأة الإماراتية ذاكرة الموروث والقلب النابض للتراث، تنقله بعفوية ومسؤولية، وتغرسه في وجدان الأجيال.
وثمنت الشيخة الدكتورة شما بنت محمد بن خالد آل نهيان، الدور الريادي لسمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، “أم الإمارات”، وجهودها الكبيرة في دعم مسيرة المرأة وتمكينها في شتى المجالات، مؤكدةً أن جمعيات النفع العام واصلت هذا النهج في تعزيز المشاركة النسائية المجتمعية.
وتُعد وزارة تنمية المجتمع من أبرز الجهات الحكومية في دعم المرأة الإماراتية للحفاظ على الموروث الثقافي، حيث عملت على تمكين المرأة كمكوّن رئيسي في منظومة التنمية المجتمعية، عبر مبادرات تراثية تهدف إلى نقل المهارات الحرفية والمعارف التقليدية بين الأجيال.
وتنظم الوزارة دورات تدريبية وورش عمل في الحرف اليدوية، وفنون الطهي التقليدي، والأزياء التراثية، بالإضافة إلى صناعة القهوة العربية، وتُبرز من خلالها دور المرأة في حفظ عناصر الثقافة المحلية.
وتقدّم الوزارة دعمًا ماليًا وتقنيًا للنساء المنتجات ضمن مشروع “الصنعة” الذي يعزز استدامة الحرف كمصدر دخل، ووسيلة لصون الهوية.
بدورها، تضطلع وزارة الثقافة والشباب بدور محوري في دعم المرأة بصفتها إحدى حاميات التراث الثقافي والموروث الشعبي، ومن أبرز روافده الحية، إذ تتبنى الوزارة رؤية شاملة لتمكين المرأة ثقافيًا، من خلال مبادرات وطنية تعزز مشاركتها في صون ونقل التراث غير المادي، وتمكين المرأة كمبدعة وراوية للموروث الشعبي.
وتشجع الوزارة المرأة الإماراتية على الإبداع في الفنون الشعبية مثل: الشعر النبطي، والقصص الشعبية، وتوفر المنصات التي تتيح للنساء عرض مواهبهن التراثية عبر المهرجانات الثقافية والمعارض المتخصصة.
ووفّرت الوزارة أدوات دعم رقمية من خلال منصات مثل: بوابة الصناعات الإبداعية، والسوق الثقافي الإلكتروني، لتتيح للنساء عرض المنتجات التراثية وبيعها محليًا ودوليًا.
ومن خلال برامج مثل “التراث في المدارس و”الهوية الوطنية”، حرصت الوزارة على إشراك النساء في تقديم الورش والأنشطة التراثية للناشئة، ودعم حضورهنّ في المعارض والمهرجانات المحلية والدولية كعارضات، حرفيات، أو راويات للقصص الشعبية.
وتسعى الوزارة إلى توثيق تجارب النساء الرائدات في مجال التراث، وتسليط الضوء على أدوارهن إعلاميًا وثقافيًا، فضلًا عن دعم الإبداع النسائي في مجالات النشر، والإنتاج الثقافي، والتوثيق.
من جهته، يُمثّل الاتحاد النسائي العام الآلية الوطنية الرئيسة لتمكين المرأة وريادتها في دولة الإمارات، ويُعد من أبرز جمعيات النفع العام الفاعلة في دعم الحرف التقليدية وصون الموروث الشعبي، من خلال “مركز الصناعات اليدوية والبيئية.”
وأدّى الاتحاد النسائي العام، بالتعاون مع الوزارات والجهات المعنية، دورًا محوريًا في دعم حاميات التراث، من خلال برامج التدريب، والترويج، والدعم المالي، كما سهل مشاركة النساء في المهرجانات الوطنية، مثل: مهرجان الشيخ زايد التراثي، ومهرجان أم الإمارات، ومعرض إكسبو 2020 دبي، ومهرجان قصر الحصن، وغيرها الكثير من المهرجانات.
وتتكامل جهود الاتحاد النسائي والجمعيات النسائية والجهات الحكومية، في التعاون مع منظمة اليونسكو لترشيح النساء كممثلات للتراث الثقافي الإماراتي على المستوى العربي و الدولي، وفي هذا السياق تبرز مشاركات المرأة الإماراتية في مهرجان الجنادرية في المملكة العربية السعودية، ومهرجان قونية للصناعات التقليدية في تركيا، وموسم طانطان الثقافي في المملكة المغربية، وإكسبو 2025 أوساكا – كانساي في اليابان، والمهرجان الدولي للفولكلور في إيطاليا، ومهرجان التراث العالمي في فرنسا.
وفي هذا الشأن، أكدت منى بن شيبان المهيري، مديرة سوق القطارة التراثي، أن المرأة الإماراتية شكّلت عبر التاريخ محورًا أساسيًا في حفظ الهوية الثقافية، من خلال أدوارها المتعددة في المجتمع.
وأوضحت أن دعم المرأة في مجال التراث لم يعد خيارًا، بل ضرورة وطنية، تتطلب توفير المساحات والمنصات التي تمكّنها من التعبير عن هذا المخزون الغني بأساليب معاصرة.
وأضافت المهيري أنه من خلال التدريب والتأهيل والمشاركة في الفعاليات، نفتح آفاقًا جديدة أمام المرأة لمواصلة دورها في الحفاظ على الموروث، وتقديمه للأجيال بلغة تفهمها العقول وتحبها القلوب.
من ناحيتها قالت الناشطة النسائية فاطمة أحمد عبيد المغني، إن المرأة الإماراتية لم تكتفِ بالحفاظ على التراث، بل أصبحت فاعلة في صياغة مستقبله، مدفوعة بتوجيهات القيادة الرشيدة التي وفّرت لها أدوات التمكين الحقيقي.
وأضافت أن حارسات التراث في دولة الإمارات لا يُمثّلن مجرد حافظات لتقاليد الماضي، بل يقمن بدور محوري في صون الهوية الوطنية، وإلهام الحاضر، وصناعة مستقبل متجذّر في الأصالة، وبفضل ما يقدمنه من جهد وإخلاص، يظل التراث حيًّا في وجدان المجتمع وفضاءاته، ويُروى للأجيال بلغة الانتماء والاعتزاز الوطني.
من جهتها قالت الدكتورة أمل حميد بالهول، الاختصاصية النفسية والباحثة في علم الأنثروبولوجيا، إن دولة الإمارات تولي أهمية استثنائية للموروث الشعبي، باعتباره أحد المكونات الجوهرية للهوية الوطنية، ومرآة تعكس التكوين الثقافي والاجتماعي للمجتمع الإماراتي.
وأوضحت أن الإمارات أدركت مبكرًا أن تمكين المرأة في مجال صون التراث لا يندرج فقط ضمن سياقات الإنصاف النوعي، بل يُمثّل ركيزة إستراتيجية لضمان استدامة الهوية الثقافية، وهو ما تُرجم إلى مبادرات حكومية متخصصة جعلت من المرأة ناقلةً أصيلةً للمعرفة الشعبية، وسفيرةً حقيقيةً لقيم المجتمع وتقاليده. وام.