مهرجانات الرطب .. احتفاء بتراث النخيل ورؤية زايد ودعامة للأمن الغذائي والسياحة

أبوظبي في 25 يوليو 2025
تتحول واحات الإمارات، في كل صيف، إلى منصات نابضة بالحياة تحتفي بالنخلة المباركة وثمارها الطيبة، عبر مهرجانات الرطب التي لا تقتصر على كونها فعاليات زراعية، بل تجسد رؤية وطنية عميقة، رسم ملامحها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي آمن بأن من يزرع النخيل يزرع الكرامة والعطاء.
ولطالما شكلت شجرة النخيل رمزا للخير والثبات في وجدان أبناء الإمارات، فهي ليست مجرد نبات، بل ركن من أركان الهوية، وسند للمزارعين، وركيزة للأمن الغذائي، ومصدر للفخر الاقتصادي، وقد أدرك الشيخ زايد، الوالد المؤسس، هذا المعنى مبكرا، فغرس حب الأرض في القلوب، وجعل من زراعة النخيل مشروعا حضاريا متكاملا، ترتوي جذوره من التراث وتمتد أعضائه نحو المستقبل.
وتواصل دولة الإمارات اليوم هذا الإرث الوارف عبر تنظيم ثلاثة مهرجانات كبرى للرطب في توقيت واحد، تشمل مهرجان ليوا للرطب بدورته الـ 21 الذي انطلقت فعالياته الأسبوع الماضي، ومهرجان الذيد للرطب الذي افتتح أمس الخميس، ومهرجان دبي للرطب الذي تنطلق نسخته الثانية اليوم، وسط توقعات أن تجذب هذه المهرجانات مئات الآلاف من الزوار من داخل الدولة وخارجها.
هذه المهرجانات لا تحتفي بالرطب فقط، بل تدعم المزارعين اقتصاديًا، وتوفر منصات مهمة لتصريف الإنتاج وإبرام الصفقات، إلى جانب الجوائز المجزية والمسابقات التي تحفّز التنافس والإبداع الزراعي، كما تُعد ملتقيات علمية تسهم في تطوير المعرفة والخبرة في مجال زراعة النخيل من خلال ورش العمل والبرامج التثقيفية.
وتُعد دولة الإمارات من أكثر دول العالم اهتمامًا بزراعة النخيل، حيث دخلت موسوعة “غينيس” في عام 2009 بأكثر من 40 مليون نخلة، كما حلّت بالمرتبة الثالثة عالميًا في تصدير التمور عام 2021، بإجمالي صادرات بلغ 261.42 ألف طن، بقيمة تقارب المليار درهم.
ويمثل الرطب عنصرًا إستراتيجيًا ضمن سلة الأمن الغذائي الوطني، إذ يُصنف التمر من بين 18 صنفًا غذائيًا أساسياً حددتها الإستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي 2051، بناءً على معايير تشمل القدرة على الإنتاج والتغذية والحاجة المحلية.
ولا يقتصر الأثر الإيجابي لمهرجانات الرطب على الجانب الزراعي والاقتصادي فقط، بل يمتد إلى تعزيز السياحة، حيث تحولت إلى وجهات تستقطب الزوار الباحثين عن تجربة أصيلة تعبق بعبير التراث، كما حدث في مهرجان ليوا للرطب الذي استقطب أكثر من 50 ألف زائر خلال خمسة أيام فقط.
وفي كل نخلة شامخة، وكل ثمرة رطب طيبة، حكاية تروى عن وطن آمن بأن الزراعة حضارة، وأن الحفاظ على التراث هو استثمار في الهوية، فمهرجانات الرطب لم تعد مجرد فعاليات موسمية، بل أصبحت أعيادا وطنية لتمجيد النخلة، وتكريم من غرسها، والاحتفاء بمن يرعاها، وتمكين من يبني بها مستقبل الغذاء والاقتصاد والسياحة في دولة الإمارات. وام.