هيئة البيئة – أبوظبي تستعرض ريادة الإمارة في صون البيئة البحرية خلال مشاركتها في منتدى الأمم المتحدة للتنمية المستدامة

استعرضت هيئة البيئة – أبوظبي مكانة أبوظبي الرائدة في مجال الحفاظ على البيئة البحرية والاستدامة البيئية على الساحة الدولية، من خلال مشاركتها ضمن وفد دولة الإمارات العربية المتحدة المشارك في أعمال المنتدى السياسي رفيع المستوى المعني بالتنمية المستدامة، الذي يعقد في مقر الأمم المتحدة في نيويورك خلال الفترة من 14 إلى 23 يوليو 2025.

وبالتعاون مع مكتب التبادل المعرفي الحكومي والأمانة العامة لأهداف التنمية المستدامة في الدولة، شاركت سعادة الدكتورة شيخة سالم الظاهري، الأمين العام لهيئة البيئة – أبوظبي، نائب رئيس المجلس العالمي المعني بالهدف الرابع عشر من أهداف التنمية المستدامة، في سلسلة من الفعاليات رفيعة المستوى، ركزت على تعزيز أهداف التنمية المستدامة، وبالأخص على الهدف الرابع عشر (الحياة تحت الماء).

تأتي هذه المشاركة تجسيداً للدور المحوري الذي تؤديه دولة الإمارات على الساحة الدولية في تسريع وتيرة تنفيذ هذه الأهداف بحلول عام 2030، وتعزيز التوافق الدولي حول القضايا التنموية الجوهرية، بما يعزز من زخم التنمية الشاملة، ويُسهم في ترسيخ الاستقرار ودفع مسارات الازدهار العالمي.

شهدت سعادة الدكتورة شيخة سالم الظاهري افتتاح معرض دولة الإمارات في مقر الأمم المتحدة، والذي استعرض أبرز المبادرات الوطنية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وقدّمت خلاله هيئة البيئة – أبوظبي نموذجاً متقدماً في إعادة تأهيل الموائل البحرية، والابتكار في العمل المناخي، من خلال “تحالف القرم من أجل المناخ”، والتحضير لاستضافة مؤتمر الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN) في أكتوبر 2025.

وخلال الجلسة العامة للهدف الرابع عشر، ألقت سعادة الدكتورة الظاهري كلمة أكدت فيها التزام دولة الإمارات باعتماد هذا الهدف كأولوية وطنية مدعومة بأسس علمية وسياسات حكومية فاعلة وتمويل مستدام. وأبرزت سعادتها جهود أبوظبي في إعادة تأهيل النظم البيئية للكربون الأزرق، مثل غابات القرم ومروج الأعشاب البحرية، وإطلاق مبادرة عالمية لإعادة تأهيل الشعاب المرجانية من خلال زراعة 4 ملايين مستعمرة مرجانية بحلول عام 2030.

كما سلطت سعادتها الضوء على جهود أبوظبي في حماية التنوع البيولوجي البحري، من خلال استخدام تقنيات رائدة، كتحليل الحمض النووي البيئي والذكاء الاصطناعي لرصد التنوع البيولوجي، بما في ذلك حماية ثاني أكبر تجمع لأبقار البحر في العالم ويبلغ عددها نحو 3500 إلى جانب مراقبة أكثر من 7900 سلحفاة بحرية، واستخدام تقنيات الحمض النووي البيئي (eDNA) والذكاء الاصطناعي لرصد الأنواع. وأشارت إلى رفع مؤشر الصيد المستدام من 8.9% عام 2018 إلى 97.4% بنهاية 2024، وهو إنجاز يعكس فعالية الإدارة البيئية المستندة إلى البيانات.

وفي الجلسة الوزارية تحت عنوان “توسيع نطاق الحلول الناجحة”، شاركت سعادتها إلى جانب قادة دوليين في تبادل الرؤى حول سُبل تسريع التقدم نحو تحقيق أهداف التنمية.

وخلال الجلسة، أطلق سعادة عبد الله ناصر لوتاه، مساعد وزير شؤون مجلس الوزراء للتنافسية والتبادل المعرفي، نائب رئيس اللجنة الوطنية لأهداف التنمية المستدامة تقرير “أهداف التنمية المستدامة 2045”. وقال سعادته: “إلى جانب دورها الدولي الفاعل في تسريع تحقيق أهداف التنمية المستدامة لعام 2030، تتبنى دولة الإمارات العربية المتحدة رؤية استشرافية لمرحلة ما بعد عام 2030، من خلال وضع تصور شامل لأهداف التنمية المستدامة لعام 2045. تعكس هذه المبادرة ثقافة الدولة في الاستعداد للمستقبل، والتزامها بالتنمية المستدامة طويلة الأمد.”

وأضاف سعادته: “وتماشياً مع ميثاق المستقبل الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة، يضع إطار عمل أهداف التنمية المستدامة 2045 دولة الإمارات في موقع ريادي للمشاركة الفاعلة في ابتكار حلول للتحديات العالمية. ومن خلال منصات مثل المنتدى السياسي رفيع المستوى ومنتدى أهداف التنمية المستدامة في التنفيذ التابع للقمة العالمية للحكومات، تسعى دولة الإمارات إلى تعزيز مشاركة قادة الفكر حول العالم لصياغة مسارات تنمية شاملة ومرنة وجاهزة لمتطلبات المستقبل”.

وخلال الاجتماع الوزاري الذي عُقد ضمن فعاليات “معرض الحلول السريعة”، استعرضت سعادة الدكتورة الظاهري نهج أبوظبي المتكامل في تحقيق الاستدامة البحرية، قائلةً: “لا تقتصر إعادة تأهيل محيطاتنا على العلم أو التمويل فحسب، بل تتطلب إرادة سياسية. وتؤكد تجربة أبوظبي على ما يمكن تحقيقه عندما تجتمع القيادة الوطنية مع الشجاعة التنظيمية والاستثمار طويل الأجل. ومن أجل توسيع نطاق الحلول الناجحة، علينا تمويل ما ينجح فعلاً وتكراره من خلال شراكات عالمية شاملة تتجاوز الحدود والقطاعات والأجيال”.

كما ترأست سعادتها الاجتماع الوزاري المخصص للهدف الرابع عشر من أهداف التنمية المستدامة، وذلك ضمن فعاليات “الخلوة العالمية لبرنامج التبادل المعرفي الحكومي” التي استضافتها بعثة الإمارات العربية المتحدة لدى الأمم المتحدة. وركزت الجلسة على موضوع “البيئة المستدامة”، وجمعت ممثلين رفيعي المستوى من الدول الشريكة، إلى جانب ممثلي الأمم المتحدة والمؤسسات الأكاديمية.

وفي كلمتها الافتتاحية، أكدت سعادة الدكتورة شيخة سالم الظاهري على أهمية التعاون الدولي والحوكمة البحرية الشاملة لمواجهة التحديات المتزايدة التي تهدد محيطات العالم، قائلةً: “رغم أن الهدف الرابع عشر من أهداف التنمية المستدامة لا يزال من بين الأهداف الأقل تحقيقاً على مستوى العالم، إلا أن هناك تجارب ملموسة تثبت أن التقدم ممكن عندما تتكامل العلوم والسياسات والشراكات.”

وقدمت سعادتها لمحة شاملة عن التطورات البحثية البحرية في أبوظبي، بما في ذلك نتائج المسح البيئي الأولي عبر سفينة الأبحاث البحرية “جيّوَن” في عام 2022، والذي رسم خريطة توضح وجود الجسيمات البلاستيكية الدقيقة في 25 دولة، و8 أنظمة بيئية بحرية. كما أبرزت جهود تطوير السياسات المستندة إلى البيانات من خلال مسوحات تقييم موارد الثروة السمكية التي تنفذها هيئة البيئة – أبوظبي، والدراسات الجينومية للأنواع التجارية الرئيسية. واستشهدت سعادتها بقصص نجاح بارزة، مثل إعادة تأهيل 4 ملايين مستعمرة مرجانية، وعودة الظهور الطبيعي لأنواع نادرة من الأسماك مثل سمك الهامور الأبيض.

واختتمت كلمتها بالتأكيد على أهمية العلم والمشاركة المجتمعية في بناء نظم بيئية بحرية أكثر مرونة، قائلةً: “تقدم تجربتنا نموذجاً يحتذى به، فمن خلال السياسات المبنية على الأدلة والتنظيم الشامل والمساءلة المشتركة، يمكننا عكس عقود من التدهور، وتعزيز مرونة المحيطات لتزدهر فيها الحياة البحرية من جديد. فلنتحرك بالسرعة التي يتطلبها محيطنا. أبوظبي على أهبة الاستعداد للقيادة والتعاون وإلهام حقبة جديدة من انتعاش المحيطات، فعندما يزدهر المحيط، تزدهر الحياة أيضاً.”

كما شاركت سعادة الدكتورة الظاهري في عدد من المناقشات الثنائية على هامش المنتدى السياسي رفيع المستوى لعام 2025، وانضمت إلى زملائها في “الليلة الثقافية الإماراتية”، إلى جانب عقد اجتماعات مع منظمات دولية مثل منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، بهدف استكشاف سبل التعاون المشترك بشأن النظم الغذائية المستدامة والتنوع البيولوجي، ومع إدارة حماية البيئة في مدينة نيويورك لمناقشة المرونة البيئية الحضرية ومكافحة التلوث.

اختتم منتدى الأمم المتحدة السياسي رفيع المستوى المعني بالتنمية المستدامة 2025 أعماله بتجديد التزام الدول المشاركة بضرورة تسريع تحقيق أهداف التنمية المستدامة قبل عام 2030، مع تأكيد هيئة البيئة – أبوظبي التزامها بالقيادة البيئية العالمية وبمواصلة دعمها لتعزيز الهدف الرابع عشر من أهداف التنمية المستدامة من خلال تبادل المعرفة والتمويل المستدام والابتكار في المجال البحري.

ومع استعداد دولة الإمارات العربية المتحدة لاستضافة مؤتمر الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة العالمي في أبوظبي في وقت لاحق من هذا العام، تشكل مشاركة هيئة البيئة – أبوظبي في منتدى الأمم المتحدة السياسي رفيع المستوى لعام 2025 محطة مهمة لترسيخ مكانة الإمارة كمركز عالمي للاستشراف البيئي والحلول القائمة على الطبيعة ودبلوماسية الاستدامة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى