“أبوظبي للصحة العامة” يحقِّق نجاحاً في استخدام المصيدة الذكية لمكافحة البعوض

أبوظبي في 26 يونيو 2025 حقَّق مركز أبوظبي للصحة العامة نجاحاً في استخدام نموذج المصيدة الذكية لمكافحة البعوض، في خطوة تعكس التزام المركز بتعزيز الاستدامة والابتكار في مجال حماية الصحة العامة.
وتمثِّل المصايد الذكية تحوُّلاً جذرياً في طريقة رصد أعداد البعوض ومتابعتها والسيطرة على تكاثرها.
وتأتي هذه المبادرة استجابة للتحديات المتنامية التي تفرضها التغيُّرات المناخية، وتوسُّع رقعة الحضر، وزيادة حركة السفر، وانتشار سلالات من البعوض مقاومة للمبيدات.
وتعتمد المصايد الذكية على تقنية عالية تحاكي انبعاثات جسم الإنسان، فتجذب إناث البعوض الباحثة عن الدم من خلال إطلاق ثاني أكسيد الكربون، واستخدام جاذب كيميائي يحاكي رائحة الإنسان، وما أن تقترب حتى تُسحَب بمروحة وتحتجز ضمن شبكة تجميع، دون استخدام أيِّ مواد كيميائية.
والمصايد الذكية مزوَّدة بأجهزة استشعار وأنظمة نقل بيانات لاسلكية، لإرسال معلومات فورية تشمل عدد البعوض المَصيد ودرجة الحرارة والرطوبة والوقت إلى قاعدة بيانات سحابية مركزية وتُحلَّل هذه البيانات بأدوات ذكاء اصطناعي، وتقدَّم إلى فِرق المكافحة لتمكينهم من اتخاذ قرارات مدروسة في الوقت المناسب، استناداً إلى أنماط السلوك الحيوي للبعوض وتغيُّراته البيئية.
وتمثِّل هذه المصايد نقلة نوعية في علم الأوبئة الحشرية، حيث تُتيح للمرة الأولى إمكانية تتبُّع تزايد أعداد البعوض وتحليل أنماط نشاطه اليومية والموسمية بدقة غير مسبوقة، مع تسجيل تأثير العوامل البيئية من درجات الحرارة المرتفعة ومعدلات الرطوبة.
وسجَّلت شبكة المصايد الذكية نتائج عالية منذ بدء استخدامها في أبوظبي عام 2020، فازدادت كفاءة اصطياد البعوض بنسبة تجاوزت 400%، حيث ارتفع متوسط عدد البعوض المَصيد في المصايد الذكية من 60 بعوضة “في المصايد التقليدية” إلى أكثر من 240 بعوضة لكلِّ مصيدة ذكية.
وأسهمت هذه التقنية في خفض عدد بؤر التوالد المسجَّلة بنسبة تجاوزت 42%، وانخفاض المواقع النشطة لتكاثر البعوض في عام 2024.
ومن أبرز مَيزات هذه المصايد أنها لا تكتفي برصد البعوض فحسب، بل تُستخدَم كأداة تحليلية لفهم تغيُّر أنماط السلوك الحيوي للبعوض عبر الزمن.
وفتح هذا التحليل آفاقاً جديدة لأبحاث الأمراض المنقولة بالنواقل، لا سيما تلك المرتبطة بحمى الضنك والملاريا وفيروس زيكا، حيث أصبح بالإمكان توقُّع مخاطر تفشِّيها بناءً على أنماط تكاثر الحشرات.
وساعدت دقة المصايد على تحديد الأماكن والأوقات المناسبة للمكافحة على خفض استهلاك المبيدات بشكل كبير، حيث انخفضت كميات المبيدات الحشرية المستخدمة بنسبة 31% من نحو 7.5 أطنان في عام 2019 إلى 5.3 أطنان في عام 2024، وهو ما انعكس إيجابياً على البيئة؛ إذ قلَّل تعرُّض الحشرات غير المستهدفة من النحل والفراشات والمفصليات المفيدة إلى المبيدات، ما أسهم بدوره في تعزيز التنوُّع البيولوجي في المناطق الحضرية والزراعية.
ومنذ بداية الأبحاث التجريبية عام 2019 حتى اليوم، تمكَّنت أبوظبي من بناء شبكة متكاملة تضمُّ أكثر من 920 مصيدة ذكية تغطّي المناطق السكنية والمزارع والمناطق الصناعية، وتوفِّر معلومات فورية، ما يجعلها إحدى أكثر شبكات رصد البعوض تطوُّراً ودقة في العالم. وبلغت التكلفة الإجمالية لتشغيل هذه الشبكة خلال ستة أعوام نحو 12 مليون درهم، ما يعكس كفاءة استثمارية عالية مقارنة بنتائجها البيئية والصحية والاقتصادية وأم.