خبراء يستعرضون تأثير الذكاء الاصطناعي على الطبيعة البشرية
دبي في 23 أبريل 2025
أكد خبراء خلال مشاركتهم في جلسة “الاتجاهات المستقبلية للذكاء الاصطناعي” ، أن الذكاء الاصطناعي لن يُعيد تشكيل بيئة العمل فحسب، بل سيمتد تأثيره ليطال أسس الهوية الشخصية، وأنماط التفاعل الإنساني، وحتى مفاهيم القيادة التفاعلية، مشيرين إلى أن مستقبل الذكاء الاصطناعي هو ما نُخطط له ونصممه ونتفاعل معه بوعي ومسؤولية.
جاء ذلك ضمن فعاليات “ملتقى دبي للذكاء الاصطناعي” في “أسبوع دبي للذكاء الاصطناعي”، الذي ينعقد برعاية سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، رئيس مجلس أمناء مؤسسة دبي للمستقبل.
نظم الجلسة التي انعقدت ضمن الملتقى في منطقة 2071 في أبراج الإمارات بدبي، كلٌ من غارتنر ومؤسسة دبي للمستقبل، وتحدث فيها جو يوسف مالك، نائب الرئيس للبرامج التنفيذية في منطقة الخليج والهند والأسواق الناشئة لدى شركة غارتنر، وباتريك نواك، المدير التنفيذي للاستشراف وتخيل المستقبل في مؤسسة دبي للمستقبل.
ورسم جو يوسف مالك، صورة عامة لنوعية حضور الأفراد والمؤسسات رقمياً باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في الوقت الحالي، قائلا: نلاحظ أن الأفراد بدأوا في تقديم صورتين مختلفتين عن أنفسهم باستخدام الذكاء الاصطناعي: واحدة احترافية، موجهة للأعمال، وأخرى اجتماعية، تُستخدم في حياتهم اليومية على الإنترنت.
وأضاف أنه عند ترخيص صورتك الرمزية التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي لصالح الشركات، لا تتعامل معها بالطريقة ذاتها التي تتعامل بها مع صورتك على وسائل التواصل الاجتماعي، ولا تمنحها للشركات مجاناً، لافتا إلى أن لهذا القرار تبعات على صورتك الشخصية وعلى علامتك التجارية.
من جانبه قال الدكتور باتريك نواك، إنه في ظل التقدم السريع في تقنيات الذكاء الاصطناعي، والتأثيرات المحتملة على العلاقات المهنية، وحتى على الفرص المستقبلية، فإن ترخيص الشخصية الرقمية يجب أن يتم بوعي كامل وإدراك للعواقب المحتملة، مع وضع حدود واضحة للاستخدام وضمانات تحافظ على الهوية الحقيقية لصاحبها.
وأضاف أن ترخيص الشخصية الرقمية ينطوي على مخاطر حقيقية، لأننا لا نعرف كيف يمكن أن تتصرف هذه الشخصية أو ما الأثر الذي قد تتركه على الفرص أو الظروف المستقبلية.
وأجمع الخبيران على أن الذكاء الاصطناعي لن يُعيد تشكيل بيئة العمل فحسب، بل سيمتد تأثيره ليطال أسس الهوية الشخصية، وأنماط التفاعل الإنساني، وحتى مفاهيم القيادة التقليدية، مشيرين إلى أنه مع دخول هذه التكنولوجيا في تفاصيل الحياة اليومية، يُصبح من الضروري إعادة التفكير في الطريقة التي نُعرّف بها أنفسنا، ليس فقط كمساهمين في سوق العمل، بل كأفراد يتفاعلون باستمرار مع أدوات ذكية قادرة على التعلم والتكيّف وربما اتخاذ القرار.
وأوضحا أن التحول لا يقتصر على التقنية ذاتها، بل على الإنسان في تعامله معها، حيث تتغير توقعاته، واحتياجاته، وحتى تصوراته عن ذاته، معتبرين أن الأجيال القادمة قد تتعامل مع الذكاء الاصطناعي ليس كأداة مساعدة، بل كشريك طبيعي في الحياة والعمل، وهو ما قد يؤدي إلى تغيّرات جذرية في البنية الاجتماعية، تشمل التعليم، وتكوين العلاقات، وتوزيع الأدوار في المجتمع، وقد يخلق واقعاً جديداً يُعيد صياغة منظومة القيم والمفاهيم الإنسانية.
وبيّن الخبيران أن التحولات المجتمعية التي قد تنتج عن هذا الاندماج لا تزال في بدايتها، لكنها تستدعي تأملاً جاداً، خاصة من صانعي السياسات والمربين والمفكرين، لضمان ألا يتم استبدال الروابط الإنسانية بالتفاعلات الآلية بشكل غير مدروس.
وأكد المتحدثان أن المشاركة الفاعلة في تشكيل مستقبل الذكاء الاصطناعي لم تعد خياراً أو رفاهية فكرية، بل أصبحت ضرورة ملحّة تفرضها سرعة التقدّم التكنولوجي وتزايد تأثير الذكاء الاصطناعي في كافة مجالات الحياة، لافتين إلى أن القبول بالواقع الرقمي الجديد، مع الاكتفاء بدور المتلقّي أو المستهلك، يُعرّض المجتمعات لاحتمال فقدان السيطرة على الاتجاهات التي تشكّل مستقبلها، ولهذا، يتحتم على الأفراد وصنّاع القرار والأوساط الأكاديمية الانخراط الواعي والمسؤول في صياغة السياسات، وتوجيه الابتكار، ووضع الأطر الأخلاقية التي تضمن أن تبقى التكنولوجيا وسيلة لتمكين الإنسان لا لاستبداله.
كما استكشفت الجلسة التوقعات لمستقبل الذكاء الاصطناعي لعام 2025 وما بعده، حيث ناقش المشاركون كيف يمكن لهذه التكنولوجيا أن تُحدث تحولات جذرية في السياقين التنظيمي والشخصي. وام.