بدور القاسمي: إدراج “الفاية” ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو يرسخ مكانة الإمارات الحضارية والإنسانية

بدور القاسمي

باريس في 13 يوليو 2025: احتفت دولة الإمارات العربية بإدراج موقع “الفاية” على قائمة التراث العالمي لليونسكو، كونه الترشيح العربي الوحيد خلال الدورة السابعة والأربعين، في احتفال رسمي أقيم مساء أمس في باريس.

ونظمت إمارة الشارقة حفلاً رسمياً في العاصمة الفرنسية باريس الليلة الماضية احتفاءً بإدراج “الفاية” على قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “ يونسكو” مسجلة بذلك علامة فارقة في تاريخ الإنجازات التي تضاف إلى رصيد الشارقة ودولة الإمارات والمنطقة العربية بأسرها، إذ كان “الفاية” الترشيح العربي الوحيد الذي نظرت فيه لجنة التراث العالمي بدورتها السابعة والأربعين.

ترسيخ مكانة الإمارات على خارطة التراث الإنساني

يُعد “الفاية” ثاني موقع في دولة الإمارات ينال هذا الاعتراف العالمي بعد المواقع الثقافية في مدينة العين التي أُدرجت عام 2011 ليواصل بذلك ترسيخ مكانة الدولة على خارطة التراث الإنساني.

جمع الحفل نخبة من أعضاء لجنة التراث العالمي ودبلوماسيين وخبراء دوليين في لحظة احتفاء جماعي بهذا الإنجاز التاريخي الذي يعكس التزام الشارقة بحماية التراث الإنساني وصونه.

وأعربت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي السفيرة الرسمية لملف ترشيح (المشهد الثقافي لعصور ما قبل التاريخ في الفاية) عن فخرها بجهود الشارقة المتواصلة لإدراج “الفاية”، وتسليط الضوء على دوره الجوهري في إثراء فهم تاريخ الإنسان الأول وتطوره.

وأكدت أهمية هذا المنجز التاريخي مشيرة إلى أن إدراج (الفاية) في قائمة التراث العالمي يُجسد التزام الشارقة الراسخ بصون هذا الإرث الإنساني للأجيال القادمة.

إنجاز جماعي

وقالت الشيخة بدورفي كلمتها الافتتاحية خلال الحفل إن “إدراج الفاية على قائمة التراث العالمي إنجاز جماعي نبارك للشارقة ولكل من وقف إلى جانبنا طوال هذه الرحلة الملهمة والقيمة”.

وأضافت أن الفاية كانت هذا العام الترشيح العربي الوحيد الذي نظرت فيه لجنة التراث العالمي واليوم تصبح ثاني موقع في دولة الإمارات ينال هذا التقدير العالمي بعد المواقع الثقافية في مدينة العين التي أُدرجت عام 2011 إنه انتصار كبير للشارقة وانتصار لدولة الإمارات وانتصار للمنطقة بأسرها”.

وأكدت التزام الشارقة بمواصلة جهودها في صون وحماية موقع الفاية والاستثمار في أعمال الحفاظ عليه وتوسيع نطاق البحث العلمي المرتبط به لضمان وصول قصته وتأثيره الحضاري إلى العالم أجمع.

من جانبه، أكد سعادة علي الحاج العلي المندوب الدائم لدولة الإمارات العربية المتحدة لدى اليونسكو، التزام الدولة الراسخ بصون التراث منوها بدلالات هذا الإنجاز على مستوى أوسع.

خطوة متقدمة

وقال إن دولة الإمارات ستظل ملتزمة برسالة اليونسكو، وتفخر بأن تكون شريكًا فاعلًا ومشاركًا في الحفاظ على تراثنا الإنساني المشترك، لافتا إلى أن قائمة التراث العالمي ليست مجرد سجل للمواقع بل تجسيد لقصص البشرية المتنوعة وقيمها وهوياتها وأضاف أنها تذكرنا بأن التراث لا يعرف حدودًا، وأن لكل ثقافة ما هو جوهري لتضيفه إلى السرد الإنساني العالمي، وفي هذا السياق يشكل إدراج موقع الفاية خطوة متقدمة نحو توسيع تمثيل الأصوات والمناظر الطبيعية من العالم العربي وغيرها من المناطق التي ظلت لفترات طويلة على هامش هذا السجل، بما يعزز حضورها في قصة الإنسانية الجامعة.

واستحضر الحضور خلال الحفل مسيرة التعاون المثمر التي أوصلت ملف “المشهد الثقافي لعصور ما قبل التاريخ في الفاية” إلى هذه المرحلة المتقدمة، وشهد عرضًا بصريًا يوثّق أبرز محطات العمل والإنجازات ويستعرض تفاني الباحثين والخبراء والشركاء الذين شكلوا ركيزة أساسية في مسيرة الترشيح.

وأعرب سعادة عيسى يوسف المدير العام لهيئة الشارقة للآثار عن تقديره العميق لكل من أسهم في تحقيق هذا الإنجاز، مؤكداً أهمية مواصلة التعاون الدولي لحماية إرث الفاية وتعزيز دوره في توسيع فهمنا للتاريخ البشري المبكر.

وقال إن إدراج موقع (الفاية) على قائمة التراث العالمي لليونسكو ليس مجرد اعتراف عالمي بموقع أثري بل تتويج لعقود من الرؤية الحكيمة والدعم المتواصل لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الذي وضع الأساس لحماية تراثنا الثقافي وخلق بيئة علمية مستدامة لخدمة الإنسانية .

وثمّن القيادة الاستثنائية للشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، التي وقفت خلف هذا الإنجاز برؤية رصينة ومنهج علمي وشراكات راسخة محليًا ودوليًا قادها فريق الهيئة بتفانٍ لا يعرف الكلل.

محطة فارقة

وأضاف أن (الفاية) شهادة حيّة على عبقرية الإنسان الأول وقدرته على التكيّف والابتكار في مواجهة أقسى التحديات البيئية، لقد أعادت رسم خريطة فهمنا لرحلة الإنسان وأكدت أن شبه الجزيرة العربية لم تكن ممرًا عابرًا للهجرات، بل موطنًا أصيلاً ومركزًا للإبداع البشري المبكر، هذا الإدراج يُمثل بالنسبة لنا في هيئة الشارقة للآثار محطة فارقة تعزز التزامنا العميق بحماية التراث الثقافي لدولتنا ومنطقتنا، وتدفعنا لمواصلة الاستثمار في البحث والتوثيق والتعليم لضمان أن تبقى قصة (الفاية) حاضرة في وعي الأجيال القادمة ووجدان العالم .

وقال : “معا نجعل من (الفاية) منارة للمعرفة ورمزًا لتفانينا الجماعي في صون ماضي الإنسانية من أجل مستقبل أكثر وعيًا وارتباطًا بجذوره”.

يُعد المشهد الثقافي لعصور ما قبل التاريخ في “الفاية” نافذة تطل على قدرات الإنسان القديم على التكيّف في واحدة من أقسى البيئات الصحراوية على وجه الأرض قبل أكثر من 200 ألف عام، إذ تكشف طبقات النشاط البشري المكتشفة في الموقع — والتي تعود إلى أكثر من 200 ألف عام — عن قصص غنية بالصمود والابتكار وتؤكد أن شبه الجزيرة العربية لم تكن مجرد ممر عابر في مسارات الهجرة بل كانت وجهة للاستقرار ومركزًا نشطًا للابتكار والتبادل الثقافي.

وخلال أكثر من ثلاثين عامًا من أعمال التنقيب الدقيقة التي قادتها هيئة الشارقة للآثار بالتعاون مع فرق دولية مرموقة جرى الكشف عن 18 طبقة جيولوجية متعاقبة، يوثّق كل منها فترة زمنية مختلفة من النشاط البشري، ما يمنح “الفاية” قيمة علمية استثنائية في رسم مسار تطوّر الإنسان في البيئات القاحلة ويواصل الموقع اليوم إعادة تشكيل فهمنا للماضي وصلته العميقة بالحاضر مؤكدًا أهمية صون هذا النوع من المعرفة ونقله للأجيال القادمة.

وكان المشهد الثقافي لعصور ما قبل التاريخ في “الفاية”، ولأكثر من 11 عامًا، موقعًا محوريًا ضمن برنامج اليونسكو «HEADS» (التطور البشري، التكيّف، الانتشار والتطورات الاجتماعية)، إلى جانب مواقع أيقونية مثل كهوف نهر كلاسيس وكهف وندرويرك في إفريقيا ويؤكد هذا التعاون طويل الأمد أهمية “الفاية” في دعم الأبحاث العالمية في علم الإنسان القديم والدراسات البيئية وتعزيز التعاون الدولي في حماية التراث الثقافي العالمي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى