محمد المري: بفضل رعاية أمي.. لم تستدعِ المدرسة ولي أمري قط

أكد الفريق محمد أحمد المري، المدير العام للإدارة العامة للهوية وشؤون الأجانب بدبي، أن ما وصل إليه اليوم من نجاح ومسيرة قيادية طويلة يعود الفضل فيه إلى والدته، التي كانت مثالاً للعطاء والالتزام والحرص على التربية.
وقال المري: “عندما كنت طفلاً، كانت أمي ترافقني إلى المدرسة صباحاً وتنتظرني عند الباب وقت العودة، تأخذ بيدي لتعيدني إلى البيت. هذا الاهتمام غرس في داخلي قيمة المسؤولية والانضباط، ولم يحدث يوماً أن طُلب مني إحضار ولي أمري، لأنها كانت حاضرة دائماً تتابعني وتدفعني إلى النجاح”.
وأضاف: “كنت مدركاً حرصها الكبير عليّ، وهذا ما منحني الدافع للاستمرار والاجتهاد. واليوم بعد سنوات طويلة من العمل، أفتخر أن المرأة التي ربتني وعلمتني هي السبب في أن أقف أمامكم كمدير عام منذ ما يقارب 19 عاماً”. وأشار المري إلى أن تجربة والدته تمثل له القدوة في قيم التضحية والإخلاص والقدرة على الموازنة بين المسؤوليات الأسرية والإنسانية.
وبين المدير العام للإدارة العامة للهوية وشؤون الأجانب بدبي، أن التجربة الإماراتية في تمكين المرأة تمثل نموذجاً عالمياً متفرداً، انعكست نتائجه في مختلف القطاعات التنموية، حيث أصبحت المرأة اليوم شريكاً أساسياً في صياغة مستقبل الدولة وموقعها الريادي.
وأوضح المري أن القيادة الرشيدة منذ عهد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، آمنت بأن المرأة ليست نصف المجتمع فقط من الناحية العددية، بل هي ركيزة أساسية في بناء الأجيال وتنمية القيم الوطنية. وأشار إلى أن هذا الدعم المبكر، إلى جانب تأسيس الاتحاد النسائي العام بقيادة سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، وفر إطاراً مؤسسياً مهد الطريق أمام المرأة لتولي مسؤولياتها التعليمية والمهنية والمجتمعية.
دعم القيادة منذ التأسيس
وبيّن المري أن ما جعل التجربة الإماراتية فريدة هو النهج المتكامل الذي جمع بين السياسات الوطنية والمبادرات المؤسسية والمشاركة المجتمعية، وهو ما رسخ حضور المرأة الإماراتية في شتى المجالات. وأضاف أن تأسيس الاتحاد النسائي العام عام 1975 شكّل المحطة الأولى لمسيرة التمكين، التي تطورت لاحقاً إلى استراتيجيات وطنية واضحة عززت المساواة وتكافؤ الفرص في العمل والتعليم.
ولفت المري إلى أن الإدارة العامة للهوية وشؤون الأجانب في دبي كان لها دور فاعل في دعم هذا التوجه الوطني من خلال مبادرات رائدة، أبرزها إطلاق أول لجنة نسائية حكومية عام 2007 برئاسة الرائد فاطمة، لتكون مرجعاً للموظفات في شؤونهن الخاصة، وتمنحهن إطاراً داعماً يحفظ قيمتهن ويعزز احترامهن.
وأوضح أن اللجنة لعبت دوراً محورياً في تمكين المرأة داخل الدائرة، حيث مُنحت صلاحيات اتخاذ القرارات التي تدعم مسيرة الموظفات، وهو ما مثّل نقلة نوعية آنذاك رغم ما واجهته المبادرة من اعتراضات. وقال المري: «كان هدفي أن أرفع من قيمة المرأة وأمنحها موقعاً مؤسسياً يليق بها داخل إدارتنا، فانعكس ذلك على صورة الدائرة ومكانتها».
لجنة “حواء” نموذج متطور
وأضاف المري أن التجربة استمرت قرابة 10 سنوات قبل أن تتوسع في صورة لجنة نسائية أوسع حملت اسم “حواء”، وضمت قيادات نسائية من دوائر متعددة في إمارة دبي. وأشار إلى أن اثنتين من عضوات هذه اللجنة يشغلن اليوم عضوية المجلس الوطني الاتحادي، بعدما تم دعمهن في مسيرة الترشيح.
وتابع: «اليوم نفخر بوجود قيادات نسائية بيننا، لدينا أكثر من 85 موظفة تحمل شهادة الماجستير، وعشر موظفات حاصلات على الدكتوراه، بعدما لم يكن هناك حضور علمي نسائي بهذا الحجم من قبل. أصبح لدينا مديرات إدارات وقائدات نساء تم تأهيلهن ليصبحن سفيرات للدائرة في وزارات ومؤسسات أخرى، وهذا فخر لنا وللإمارات».
تجاوز التحديات
وأشار المري إلى أن المرأة الإماراتية واجهت في بداياتها تحديات عديدة، أبرزها الأمية ونقص التعليم في السبعينيات، إلى جانب الحواجز الاجتماعية وصعوبة الموازنة بين المسؤوليات الأسرية والمهنية. غير أنها تمكنت من تجاوز هذه العقبات بفضل السياسات الوطنية والبيئة المؤسسية الداعمة، مؤكداً أن لجنة “حواء” كانت واحدة من الأدوات التي أسهمت في تحويل هذه التحديات إلى فرص للريادة والتميز.
انعكاس عالمي
وأكد أن هذه الجهود لم تنعكس فقط على المستوى المحلي، بل تجاوزت الحدود لتجعل من الإمارات مركزاً عالمياً لتبادل الخبرات في مجال تمكين المرأة، مشيراً إلى أن التجربة الإماراتية تحولت إلى نموذج مؤسسي يحتذى به في المحافل الدولية، خاصة في دمج المرأة بالتنمية الاقتصادية والسياسية.
وأوضح أن إمارة دبي على وجه الخصوص تبنت بيئة عمل داعمة ومحفزة للمرأة، من خلال إطلاق برامج تدريبية متخصصة في مجالات الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي والأمن السيبراني، ما مكّن المرأة من الاستعداد لمتطلبات المستقبل.
القيادة والتكامل
وأشار الفريق المري إلى أن المرأة الإماراتية اليوم تشغل مناصب قيادية في المجلس الوطني الاتحادي والسلك الدبلوماسي ومؤسسات حكومية كبرى، ما عزز قدرتها على التأثير في صناعة القرار الوطني. وأضاف أن هذه التجارب أثبتت أن التنمية لا تتحقق إلا بتكامل أدوار الرجل والمرأة معاً.
وشدد على أن المرأة الإماراتية ستلعب دوراً محورياً في قيادة مسيرة التحول الرقمي والابتكار، خصوصاً مع توجه الدولة نحو اقتصاد قائم على الذكاء الاصطناعي وريادة الأعمال العالمية، بما ينسجم مع مبادئ الخمسين.