فلسطين في الربع الأول من 2025.. ركود ثقافي بفعل حرب الاحتلال

النشرة الثقافية لوكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية، ضمن الملف الثقافي لاتحاد وكالات الأنباء العربية “فانا”//
رام الله في 15 مارس 2025
تشهد فلسطين للعام الثالث على التوالي، حربا على كل ما هو فلسطيني، ليس ابتداءً بالإنسان والبيت، ولا نهاية بالكلمة، إذ ألقت آلة الحرب الإسرائيلية بظلالها على المشهد الثقافي الفلسطيني، الذي اقتصر منذ بداية العام الجاري 2025، على حراك بطيء، كان في غالبيته فعاليات محلية في الضفة الغربية، اقتصر حضورها على أبناء كل محافظة على حدة، نتيجة لسياسة التضييق التي تمارسها سلطات الاحتلال على مدن وبلدات وقرى فلسطين، عبر نشر أكثر من 898 حاجزًا عسكريًا وبوابة، منها أكثر من 173 بوابة حديدية تم وضعها بعد السابع من أكتوبر عام 2023، منها 17 بوابة وضعت منذ بداية العام الجاري 2025.
طالت حرب الاحتلال، القطاعات كافة، بما فيها الثقافي، وخسرت الثقافة الفلسطينية 44 كاتبًا وفنانًا وناشطًا في حقل الثقافة استُشهدوا خلال الأشهر الأربعة الأولى من الحرب، و32 مؤسسة ومركزًا ومسرحًا دُمرت إما بشكل جزئي أو كامل جراء القصف، إضافة إلى تضرر 12 متحفًا و2100 ثوب قديم وقطع تطريز من المقتنيات الموجودة في المتاحف أو ضمن المجموعات الشخصية، و9 مكتبات عامة، و8 دور نشر ومطابع.
وهدمت آليات الاحتلال نحو 195 مبنىً تاريخيًّا يقع أغلبها في مدينة غزة، بشكل جزئي أو كامل، ومنها ما يُستخدم كمراكز ثقافية ومؤسسات مجتمعية، بجانب تضرر 9 مواقع تراثية و10 مساجد وكنائس تاريخية تشكّل جزءًا من ذاكرة القطاع.
وتعمد جيش الاحتلال الإسرائيلي تدمير الميادين العامة وهدم النصب والأعمال الفنية فيها، إلى جانب تدمير 27 جدارية فنية في الأماكن العامة وعلى طول شاطئ بحر مدينة غزة.
وأغلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي، منذ مطلع العام الجاري، مكتبتين في مدينة القدس، واعتقلت أصحابها لعدة أيام، بذريعة بيع “كتب تحريضية”، وكانت مكتبة “القدس” في خان الزيت بالبلدة القديمة من القدس أولى المكتبات المستهدفة، تبعتها “المكتبة العلمية” في شارع صلاح الدين.
ورغم آلة الموت والمحو والدمار، ما زال الفلسطيني يبدع، في وطنه وفي غربته، فتحضر فلسطين في القائمة الطويلة لجائزة البوكر الدولية 2025، عبر النسخة الإنجليزية لرواية “سِفر الاختفاء” للروائية ابتسام عازم، بترجمة الروائي العراقي سنان أنطون.
ووفق لجنة الجائزة، فإن القائمة تتكون من ثلاثة عشر مُؤَلفًا سرديًا، بينها إحدى عشرة رواية ومجموعتان قصصيتان، وتم اختيارها من بين 154 كتابًا، في أعلى نسبة مشاركة منذ إطلاق الجائزة بنسختها الحالية. وصدرت رواية عازم، في ترجمتها الإنجليزية، عن منشورات “جامعة سيراكيوز” في الولايات المتحدة الأميركية عام 2019، ثمّ عن دار “آند أذر ستوريز” في بريطانيا في عام 2024.
فيما وصلت رواية “المسيح الأندلسي”، للروائي والباحث الفلسطيني السوري تيسير خلف، والصادرة عن منشورات المتوسط في إيطاليا، إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية 2025، لتنافس على الجائزة مع خمس روايات عربية أخرى.
إصدارات فلسطينية
صدرت بداية العام الجاري، عن وزارة الثقافة الفلسطينية في مدينة رام الله، ستة إصدارات لمبدعين من قطاع غزة، توزعت بين الشعر والقصة ومجلة ضمت عددا من النصوص لكتّاب وكاتبات من قطاع غزة، الأول، للروائي والقاص عمر حمّش، وحمل عنوان “تغريدة النورس الأخيرة”، وهو عبارة عن مجموعة قصصية وقعت في 152 صفحة من القطع المتوسط، والثاني: بعنوان “خذي ما شئتِ من ذكراي” للشاعر محمد توفيق أبو زريق، وهو عبارة عن مجموعة شعرية في 100 صفحة من القطع المتوسط، والثالث بعنوان “مزامير الطير والمعجزة”، للشاعر علاء نعيم الغول، وهو مجموعة شعرية في 190 صفحة من القطع المتوسط، والرابع بعنوان “أصابع الحنين”، للشاعرة دنيا الأمل إسماعيل، وهو مجموعة شعرية في 96 صفحة، والخامس بعنوان “الحرب التي لا تنتهي” للشاعر ناصر رباح، وهو مجموعة شعرية في 88 صفحة، والسادس هو مجلة أدبية بعنوان “رمال حمراء”، في 206 صفحات من القطع المتوسط، حملت نصوصا لكل من: جاد عزت الغزاوي، وآلاء القطراوي، وأمل حبيب، وباسل أبو الشيخ، وبسام أبو شاويش، وجبر شعث، وحبيب هنا، وحسام أبو النصر، ودنيا الأمل إسماعيل، ورحاب كنعان، ورزق البياري، وسائد السويركي، وسليمان الحزين، وسما حسن، وسمية وادي، وصابر أبو العساكر، وطلال أبو ركبة، وكوثر النيرب، وعادل الرمادي، وعبد الرحمن الكرد، وعمر حمش، وعمر اللوح، ومحمد الخطيب، ومحمد السالمي، ومحمد الشاعر، ومصطفى لقان، وناصر عطا الله، ونور صيدم، وهداية شمعون.
وصدرت عن “دار الرافدين”، أنطولوجيا بعنوان “غزّة: أهناك حياة قبل الموت”، أنجزها الشاعران عبد اللطيف اللعبي وياسين عدنان، وهو كتاب يضمّ مختارات من أعمال 26 شاعرةً وشاعرًا من غزّة، وعن دار “العائدون للنشر والتوزيع”، النسخة العربية من كتاب “التاريخ الشفويّ لنكبة فلسطين: دراسات وشهادات”، التي تضمّ 14 دراسة لباحثين في علم الاجتماع والجندر والتاريخ. ويعتمد الكتاب على التاريخ الشفوي والذكريات الشخصية والسرديات والمقابلات لدراسة وتحليل وتمثيل النكبة الفلسطينية.
كما صدر عن الدار الأهلية بعمان “استعادات مقلقة: مائة كاتب وفنان من غزة يكتبون عن الحرب” في كتابين من تحرير الروائي عاطف أبو سيف. ويضم الكتابان يوميات من غزة كتبها مائة كاتب وفنان خلال وجودهم في غزة إبان الحرب، منهم الروائي والقاص والشاعر والناقد الأدبي والكاتب الصحفي والباحث السياسي والاجتماعي، ومنهم الممثل والمخرج والمصور والفنان التشكيلي وصانع المحتوى والمصمم.
وعن “المؤسسة العربية للدراسات والنشر” صدر كتاب: “بهمِشّ: يوميات كاتب في انتفاضة مغدورة”، يستعيد فيه الكاتب والروائي أسامة العيسة يوميّاته في انتفاضة فِتية فلسطين خلال عامي 2015 و2016، وارتقاء أكثر من 350 منهم خلال المواجهات مع قوات الاحتلال.
فيما صدر للباحث إياد صبّاح كتاب: “أثر الحضارة الكنعانية على النَّحت الفلسطيني المُعاصر”، عن دار “خطوط”، ويضم في صفحاته الخلفية التاريخية للحضارة الكنعانية من حيث الموقع الجغرافي والحياة الثقافية والسياسية والاجتماعية.
إنجازات وجوائز في السينما
فاز الفيلم الفلسطيني “لا أرض أخرى No Other Land”، بجائزة الأوسكار في دورتها الـ97 عن أفضل فيلم وثائقي طويل. ويوثق الفيلم معاناة الفلسطينيين في مسافر يطا جنوب الخليل، جراء اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي المتكررة. وهو من إخراج الناشط الفلسطيني باسل عدرا، والصحفي الإسرائيلي يوفال أبراهام.
ويُظهر الفيلم عدرا وهو يقاوم التهجير القسري للعائلات الفلسطينية في مسافر يطا، بالإضافة إلى عمليات هدم المنازل والمساكن التي ينفذها الاحتلال في المسافر. كما يسلط الضوء على قصة عائلة فلسطينية تهجّرها حكومة الاحتلال من منزلها في المسافر لصالح التوسع الاستعماري في المنطقة.
وفاز الفيلم الوثائقي “استرداد مؤجل” للمخرج الأسير في معتقلات الاحتلال عبد الله معطان، والمخرجة المساعدة رحمة دار صالح بجائزة أفضل فيلم قصير في مهرجان الأرض الذي أُقيم في جزيرة سردينيا الإيطالية، وهو من إنتاج مؤسسة قامات لتوثيق النضال الفلسطيني ووزارة الثقافة الفلسطينية، فيما حصد الفيلم الفلسطيني القصير “ما بعد” للمخرجة مها الحاج، جائزة الجمهور كأفضل فيلم دولي قصير في ختام الدورة الـ47 من مهرجان كليرمون فيران الدولي للأفلام القصيرة – فرنسا.
وفقدت فلسطين، في بداية العام الجاري، الأكاديمي والروائي أحمد حرب، الذي وُلِدَ في الظاهرية في مدينة الخليل عام 1951، وحصل على درجة البكالوريوس في الأدب الإنجليزي من الجامعة الأردنية، ونال درجة الماجستير والدكتوراة في الأدب الإنجليزي المقارن من جامعة أيوا في الولايات المتحدة الأميركية.
وكانت رواية حرب الأولى في عام 1981 بعنوان “حكاية عائد”، تلتها روايات: “إسماعيل” (1987)، و”الجانب الآخر لأرض المعاد” (1994) وفازت بجائزة دولة فلسطين للرواية في عام 1997، و”البقايا” (1997)، و”الصعود إلى المئذنة” (2008)، وأخيرًا “مواقد الذكرى”، التي صنفها البعض رواية، والآخر سيرة ذاتية، وهناك من وجد فيها “نوفيلا”، أو تكوينًا سرديًا هجينًا، وصدرت في عام 2023.
تميز الراحل بمسيرة أكاديمية مرموقة، حيث عمل أستاذًا للأدب الإنجليزي المقارن في جامعة بيرزيت منذ عام 1987، وتولى عدة مناصب أكاديمية وإدارية بارزة، كان آخرها رئاسة لجنة تحكيم جوائز فلسطين في الآداب والفنون والعلوم الإنسانية عام 2019. وام.