معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2025 يحتفي بالمعرفة ويعزِّز جسور التواصل بين الثقافات

معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2025
أبو ظبي في 17 يونيو 2025
حقَّقت الدورة الـ34 من معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2025، الذي نظَّمه مركز أبوظبي للغة العربية تحت شعار «مجتمع المعرفة… معرفة المجتمع» في مركز أدنيك أبوظبي خلال الفترة من 26 إبريل إلى 5 مايو 2025، نجاحاً كبيراً؛ إذ استقطبت نحو 400,000 زائر، اطَّلعوا على أكثر من نصف مليون عنوان في شتى أنواع المعرفة.
وتواصلت فعاليات المعرض على مدى 10 أيام للمرة الأولى في تاريخه، ليرسي بذلك تقليداً جديداً، بما يعكس قدرته على مواكبة أفضل ممارسات كبرى الفعاليات الثقافية العالمية. وأعلن المعرض إندونيسيا الدولة ضيف الشرف لدورة العام المقبل 2026.
وجسَّد المعرض رؤية ثقافية تهدف إلى تعزيز مكانة أبوظبي منصّة عالمية للثقافة، وصناعة النشر، والمعرفة، مكرِّساً حضوره أحد أبرز الأحداث الثقافية التي تُقام محلياً وإقليمياً، ولا سيما بعد أن سجَّلت مبيعاته ارتفاعاً بنسبة 65% عن دورة عام 2024، ما يعكس نجاح المعرض في الترويج للقراءة في المجتمع، ودعم صناعة النشر.
وشهد المعرض مشاركة 1,400 عارض من 96 بلداً من مختلف أنحاء العالم، يتحدثون بأكثر من 60 لغة، واستقطبت فعالياته المبتكرة جميع الفئات المجتمعية والعمرية الذين استفادوا ممَّا قدَّمته، انسجاماً مع إعلان قيادة دولة الإمارات عام 2025 عاماً للمجتمع، وتأكيداً لمكانة إمارة أبوظبي مركزاً حيوياً للتواصل الحضاري والثقافي والمعرفي.
وقال سعادة الدكتور علي بن تميم، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية: «يُجسِّد معرض أبوظبي الدولي للكتاب منصة معرفية كبرى، نقول بثقة إنها الأجمل؛ لأنَّ ما يبقى ويُصبح قيمة خالدة هو الجمال. ونحن نؤمن أنَّ ثقافة الجمال هي التي تجمع الإنسانية وتعزِّز أواصرها وترابطها، وقد نجح معرض أبوظبي الدولي للكتاب في تأكيد هذه القيمة جامعاً بين الأصالة والمعاصرة مستشرفاً المستقبل بمنهج علمي، مقدِّماً رؤية ثقافية شاملة. وأكَّدت هذه الدورة من المعرض أنَّ المعرفة ليست ترفاً ولا تراكماً كمياً، بل ضرورة حيوية لاستدامة المجتمعات ونهضتها، وأنَّ اللغة العربية، بما تحمله من تقاليد جمالية ومعرفية وحضارية هي بلا شكٍّ حجر الزاوية في مسيرة بناء المستقبل وصياغة الهُوية».
وأوضح سعادته: «عكس المعرض توجُّهاً استراتيجياً نحو استلهام تقاليد الحضارة العربية العريقة، وإعادة اكتشاف الذات الثقافية من جهة، والانفتاح الخلاق على العالم بمختلف روافده من جهة أخرى، مع التركيز على الابتكار والإبداع مرتكزين أساسيين لمشروع حضاري متجدِّد يحرص على استحضار قضايا العصر الكبرى، من الذكاء الاصطناعي، والتحوُّل الرقمي، إلى قضايا الاستدامة، والبيئة، وحفظ التراث، مقدِّماً منصات للحوار، والتفكير النقدي، وملتقى للأفكار الجديدة».
وتابع سعادته: «لمسنا النجاحات والإنجازات الكبيرة في الآراء التي وصلتنا من الناشرين، والضيوف المشاركين في الفعاليات، وانطباعات الزائرين، الذين حرصنا على معرفة آرائهم جميعاً، كونها تشكِّل دافعاً رئيساً لمزيدٍ من التطوُّر والازدهار للمعرض، فضلاً عن نسب النمو التي تحقَّقت على الصُّعد كافة، وكشفت الفعاليات عن نجاح المعرض في قراءة الاحتياجات الثقافية لدى الجمهور، وتطلُّعات الناشرين إلى التواصل والتبادل المعرفي».
وتفوَّق المعرض في مستوى التنظيم، وحجم المشاركة الدولية، والإقبال الجماهيري، واختيار المتحدثين من كبار المفكرين والأكاديميين والكتّاب والفنانين، وفاق عدد الضيوف المشاركين في برامج وفعاليات المعرض 450 متحدثاً ومشاركاً من الأسماء اللامعة في عالم الفكر والأدب والفنون من ضمنهم معالي ناظم الزهاوي، ورائد الطب التكاملي الدكتور ديباك شوبرا، والروائي كون إيجلدن، والفنان حسين فهمي، والفنان مينا مسعود، والمبدعة عزة فهمي، والكاتب خالد غطاس، وغيرهم ممَّن استقطبوا جمهوراً شغوفاً بالعلم والثقافة والمعرفة.
وحقَّق المعرض إنجازات كبيرة على مستوى برامجه الشاملة ومبادراته النوعية، ومنها مبادرة «على درب العلم» التي استضافت العديد من متحدثي المعرض في المدارس والجامعات، ما رفع نسبة مشاركة الطلبة وتفاعلهم مع المعرض، وأسهم في نقل المعرفة وتنشئة الجيل الجديد على حبِّ القراءة وتعزيز الانتماء. وتميَّزت مشاركات الطلبة كمّاً ونوعاً، وحقَّقت ارتفاعاً ملحوظاً عن مشاركة دورة المعرض لعام 2024، إذ بلغ عدد الطلبة المشاركين في هذه الدورة من المعرض 64,000 طالباً وطالبة.
وجاءت مبادرة «المؤلف الناشر»، الأولى من نوعها، في إطار رؤية المعرض الهادفة إلى تعزيز الدور الاجتماعي للثقافة باستهداف المبدعين من الأقارب، وكذلك مبادرة «100 قصة من مجتمعنا»، واستهدفت المواهب الإبداعية المُقيمة في دولة الإمارات، وتأتي المبادرة في إطار الحملة المجتمعية لدعم القراءة المستدامة، التي أطلقها المركز في عام 2025. وبرز في المعرض «شارع المتنبي» ضمن مبادرة أسواق الكتب الشعبية، والذي احتشد بالزوّار، كونه يمثِّل أحد أشهر الشوارع الثقافية في بغداد، ويُعَدُّ رمزاً للحياة الأدبية والفكرية في العراق، وضمَّ 2,000 كتاب إلى جانب مجموعة من الصحف القديمة.
وشهد المعرض الدورة الأولى من مبادرة تكريم روّاد النشر العربي، التي انطلقت بتكريم ست دور نشر عربية عريقة يصل عمر أقدمها إلى نحو 160 عاماً. وعكس الإقبال على برنامج «ضيف الشرف» نجاحاً ملحوظاً واهتماماً كبيراً من الجمهور متعدِّد الجنسيات بالتعرُّف على الثقافة الكاريبية عن قرب، فيما قدَّم كلٌّ من برنامج الشخصية المحورية «ابن سينا»، وبرنامج كتاب العالم «ألف ليلة وليلة»، معلومات جديدة، وفعاليات غامرة، نالت الاستحسان.
وعكست أمسيات «مجلس ليالي الشعر» الذي استضاف أكثر من 60 نجماً في الشعر الشعبي والفصيح، مكانة الشعر العربي ونجاح البرنامج. في الوقت ذاته تمكَّنت فعاليات برنامج الفنون الإبداعية من عقد رباط وثيق مع الثقافة، من خلال فنون الموسيقى، والتصوير، وفعاليات متميِّزة أخرى، مثل فنون الطهي في برنامج «أطباق وثقافات» الذي قدَّم 48 جلسة، شارك فيها 24 طاهياً من مشاهير هذا المجال، من بينهم 12 إماراتياً.
وجسَّد البرنامج المهني للمعرض في نسخته الجديدة، مبادرة فريدة من نوعها في المنطقة، تهدف إلى تمكين الناشرين والمبدعين والفاعلين في قطاعات المحتوى من مواجهة التحديات المتصاعدة في بيئة النشر العالمية، واستيعاب التحوُّلات التكنولوجية والرقمية التي تُعيد رسم ملامح الصناعة بأكملها. واستقطبت جلساته القيِّمة وورشات العمل المكثَّفة المشتركين من مختلف الأعمار؛ إذ ناقش مؤتمر «رقمنة الإبداع» أثر الرقمنة في صناعة النشر والصناعات الإبداعية، ونُظِّم بالتعاون مع قطاع الملكية الفكرية في وزارة الاقتصاد في الدولة، والاتحاد الدولي للناشرين، واتحاد الناشرين العرب، والمنظمة العالمية للملكية الفكرية، والمجموعة الصينية للإعلام الدولي، وجمعية الناشرين الإماراتيين، ومكتبة الإسكندرية في مصر، إلى جانب شخصيات رفيعة المستوى من مؤسسات أكاديمية وثقافية كبرى.
واستضافت النسخة الثالثة من برنامج «بودكاست من أبوظبي» 71 صانع محتوى صوتي يتابعهم ملايين الأشخاص في العالم، قدَّموا عشرات العناوين التي تعكس إبداعاتهم، مُتيحاً المجال في الوقت نفسه للأصوات الجديدة عبر استضافة 24 صانع محتوى يشاركون في البرنامج للمرة الأولى، وشكَّل «المربع الرقمي» ركيزة أساسية لنجاح المعرض، بعد أن قدَّم خمسة مشاريع ثقافية رقمية مبتكَرة بالتعاون مع الوكلاء المعنيين.
وشكَّلت الإسهامات الكبيرة للجهات الحكومية التي بلغ عددها 87 جهة، منصات مهمة لتنظيم عدد كبير من الفعاليات التي حظيت بإقبال كبير من زوّار المعرض، واستضافت ما يزيد على 200 متحدث، ومن أبرز الجهات الحكومية المشاركة وزارة الثقافة، ومؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، ومجلس الإمارات للإعلام، ما يعكس ثقة كبيرة بمكانة المعرض كمنصة لتنظيم الفعاليات ونشر الثقافة، وتبادل المعرفة، والتقاء المفكرين والخبراء في مختلف المجالات المعرفية.
واستفاد المركز من زخم المعرض لإطلاق 35 كتاباً من إصداراته، من بينها «عيون العجائب فيما أورده أبو الطيب من اختراعات وغرائب» لسعادة الدكتور علي بن تميم، و«عين تصطاد اللحظة» قراءة نقدية في أعمال المصوِّر كريم صاحب، و«سيرة شارل ديغول.. فكرة محددة عن فرنسا» للمؤرخ البريطاني جوليان جاكسون، و«بين الظل والنور» للمصوِّر الإماراتي جاسم ربيع.
واستحدث المعرض ركن «ظلال الغاف»، الذي شهد لقاءات متميِّزة مع الكتّاب، وحفلات توقيع لأكثر من 40 مؤلفاً في مختلف أنواع المعرفة، فضلاً عن نحو 180 حفل توقيع في ركن التواقيع، وهو ما اعتبره المؤلفون فرصة ثمينة للتفاعل مع الجمهور.
وحظي المعرض بتغطيات إعلامية واسعة من وسائل إعلام محلية وإقليمية وعالمية، فاقت في عددها تغطيات دورة العام 2024، إذ بلغ عدد المواد الإعلامية التي تناولت المعرض وفعالياته 5,790 مادة، توزَّعت على وسائل إعلام في 51 دولة في العالم، أبرزها الولايات المتحدة ومصر والسعودية والصين، في حين وصل عدد المواد المنشورة عبر حسابات معرض أبوظبي الدولي للكتاب على خمس منصات رقمية إلى 1,475 مادة، بزيادة 52% عن عام 2024، بفضل زيادة عدد المتابعين خلال المعرض بنسبة 78%، وارتفاع إجمالي المشاهدات من 80 مليون إلى 117 مليون، بنسبة زيادة بلغت 47%، ما أسهم في ارتفاع إجمالي التفاعل مع المحتوى المنشور من 3.9 ملايين إلى 5.4 ملايين وبنسبة زيادة قدرها 37%، وارتفاع إجمالي عدد مرات الظهور من 214 مليون إلى 315 مليون بنسبة زيادة قدرها 48%.